المشاركات

صورة
الاستبداد ليس جديدًا، والمقاومة كذلك! قراءة في سفر الخروج 1-2 تقدم لنا افتتاحية سفر الخروج ملمحًا عن تشكل الاستبداد وكيف يمكن للمؤمنين بالكرامة الإنسانية أن يقاوموه. الاستبداد هو انفراد قمعي بالسلطة بغرض التحكم مستخدمًا الخوف والوحشية. ومع أن الاستبداد قد يبدو غير قابل للهزيمة، فإن الإيمان بأن الكرامة الإنسانية هي هبة إلهية يلهم طرقًا شجاعة وخلاقة لمقاومته. فسواء من خلال أساليب المواجهة أو التحايل على سياسات الاستبداد، يستخدم الله شركاءه من البشر ليفعّلوا إرادته لتحرير وخلاص الخليقة. بداية تشكل الاستبداد والمقاومة: يتشكل الاستبداد في أوقات التغيير والتحول، الوقت الذي يتصدر فيه الخوف المشهد وترتبك رؤية العالم فتسود لغة نحن وهم، الوقت الذي يسيء فيه المستبد (الفرعون في هذه الحالة) استخدام السلطة بغرض سلب الآخر (بنو إسرائيل ها هنا) إنسانيته. ومع أن الاستبداد يتغذى على كراهية المختلف والخوف من الغريب، ومع أنه يحاول السيطرة على الناس الذين خلقهم الله أحرارً ليعيشوا في كرامة، إلا أننا نجد أن العاملين من أجل الصمود والمقاومة والتغيير يبرزون في هذا الوقت. في هذا النص نقابل القابلات اللواتي كان

برج بابل ويوم الخمسين

صورة
هل كانت بلبلة الألسنة وتبديد البشرية عقاب إلهي أم عودة للقصد الإلهي الأساسي للجنس البشري؟ هل هناك تضاد بين ما حدث يوم الخمسين مع ما حدث في قصة برج بابل، أم أنهما يؤكدان على نفس القصد الإلهي؟ الاتجاه الأول لتفسير حادثة برج بابل هو التفسير التقليدي الذي ينظر إلى حادثة البرج على أنها تجلي آخر للعصيان البشري والدينونة الإلهية كما حدث في جنة عدن وفي قصة الطوفان. بحسب وجهة النظر هذه فإن عبارة "هلم نبن لأنفسنا مدينة وبرجا رأسه بالسماء" تدل على كبرياء الانسان الذي حاول أن يخلد اسما بعيدا عن الله؛ أما عبارة "هلم ننزل ونبلبل ألسنتهم" تدل على الدينونة الإلهية على هذا الكبرياء الإنساني. نموذج كلاسيكي لهذا التفسير نجده في كتابات القديس أغسطينوس، حيث كتب القديس في تفسيره لإنجيل يوحنا هذه الكلمات: "لإن الألسنة قد تشوهت بسبب الكبرياء، حيث صارت (اللغة) الواحدة (لغات) متعددة. لإنه بعد الطوفان قام المتكبرون ببناء برجا، حتى ما لا يتم تدميرهم مرة أخرى بطوفان، في حال حدوثه ثانية، في محاولة لتحصين أنفسهم ضد الله، ظنا منهم أنه يوجد شيء ما أعلى من الله، أو أنه يوج

هل تاب أيوب؟

صورة
ترجمة حرفية لأيوب 42: 6 عل كين (لذلك) إيماس (أرفض أو أحتقر) ونحمتي (أندم، أغير فكري، أتعزى) عل (على، أو بخصوص، فوق) عفر (التراب) وإيفر (الرماد) الترجمات المختلفة لأيوب 42: 6 لذلك أرفض وأندم في التراب والرماد (فان دايك) لذلك أحتقر نفسي وأندم فوق التراب والرماد (إذلال) لذلك أتراجع عن كلماتي وأندم عن التراب والرماد (رمزان للحداد و الحزن) لذلك أرفض و أبتعد عن التراب والرماد (رمزان للحداد و الحزن) لذلك أتراجع عن كلماتي وأغير فكري عن التراب والرماد (الطبيعة الإنسانية) لذلك أتراجع عن كلماتي وأشعر بالتعزية تجاه التراب والرماد   (الطبيعة الإنسانية) لاحظ أن النص العبري لا يضع المفعول به للفعل (إيماس) والذي يعني أرفض أو أحتقر. ماذا يرفض أيوب؟ ماذا يحتقر أيوب؟ هل تراجع أيوب عن كلماته؟ أية كلمات؟ كلمات مطالبة الدخول في محاكمة مع الله؟ أم كلمات بره وتقواه؟ أم اعتقاده أنه في نظام عادل في الكون؟ أم كلماته عن الطبيعة الانسانية؟ لاحظ أن النص العبري يستخدم الكلمتين (عفر وإيفر) والتي تعني: التراب والرماد، تم استخدام هاتين الكلمتين معا فقط هنا في أيوب 42: 6، وأيوب

عن الفكر اللاهوتي كحوار مفتوح: سفر أيوب كمثال

صورة
اختار كاتب سفر أيوب أن لا يقدم إجابة نهائية لإحدى القضايا الصعبة التي تشغل الوجود الانساني ألا وهي قضية الألم ومعنى الحياة. ففي ضوء عدم وضوح أو تجلي فكرة الحياة بعد الموت بعد في الفكر العبراني، الفكرة التي تبلوت أكثر في الفترة المسماة بين العهدين، كان السؤال الأساسي الذي يشغل الفكر العبراني هو معنى وقيمة الحياة وما هي علاقة الله بهذا العالم وما هو دور الانسان في تحديد معنى هذه الحياة. ازداد هذا السؤال صعوبة في ظل خبرة السبي والتي صاحبها فقدان كل  شيء. أين الله عندما نتألم؟ هل هناك قوى أخرى تتداخل مع الله في مصير الانسان؟ هل هناك أي دور للإنسان حيال هذا الواقع المحير؟ تخيل أهم سؤال يشغل ذهن الانسان والجماعة، يقدمه كاتب السفر في صورة حوار. حوار بين الله والمشتكي. حوار بين أيوب والأصدقاء. وحوار بين الله وأيوب. - يوجد حوار بين جزئي السفر (القصة والشعر)، فأيوب الشاكر والمسلم في القصة (أيوب 1-2) يتحول إلى أيوب المشتكي والمعترض في الشعر (أيوب 3-31). - معنى اسم أيوب: اسم مشابهه لأيوب يظهر في رسائل تل العمارنة (قرن ١٤ ق.م.): “أيا-ابوم” = “أين أبي (الإله)؟ أو قد ي

مزامير الإنتقام: صلاة المظلوم بحثا عن العدالة الإلهية

صورة
فيه نوع من المزامير اسمه مزامير الإنتقام. عادة مش بنعرف نعمل بيهم ايه وخاصة في ظل مركزية تعليم المسيح عن محبة الأعداء وعن إن طريق تلاميذ المسيح هو اللاعنف. لكن في كتير من الخبرات، زي قتل الأبرياء في مكان عبادة، أو الإعتداء على أقلية بتحاول تتعبد لله في بيت لإن القرية مفيهاش كنيسة، الظروف اللي زي كده ممكن تخلق مكان للمزامير دي في صلواتنا وممارساتنا الروحية. مزامير الإنتقام ببساطة هي صرخات من انسان برئ إلى الله حتى ما ينتقم له أو لها من اللي اعتدوا عليه أو عليها. هي مزاميز تسعى إلى العدل الإلهي. السبب ورا تهميش المزامير دي في حياتنا الروحية وفكرنا اللاهوتي هي إنها بتستخدم كلمات مليانة بالعنف. فبالنسبة للكتير من المسيحيين هي بتتناقض مع أخلاقيات الملكوت اللي   فيها المسيح بيدعو أتباعه لمحبة العدو والغفران للمعتدي. الغرض من الكلام هنا مش نفي أهمية بل أولوية تقديم الغفران والمحبة. لكن لازم نقر ونعترف ان الخبرات الصعبة بتذكرنا بإن زي ما فيه مكان للمحبة فهناك إحتياج للعدل. فيه إحتياج إن المستضعف والمجروح والمهمش يلاقي مساحة حقيقية للتعبير عن مشاعر الغضب والألم. مزامير الإنتقام ب

العبادة والعدالة الإجتماعية

صورة
هل يمكنك أن تتخيل أن الله لا يقبل ترنيماتك أو صلواتك أو تهليلاتك؟ ما وقع هذه الفكرة عليك إن علمت أن الله يطلب منك أن تبعد عنه عبادتك وسجودك وابتهالاتك؟ ما الذي يدفع الله أن يرفض ما تعتقد أنت أنه يقربك منه؟   في القرن الثامن قبل الميلادي ملك يربعام الثاني على اسرائيل. وفي عصره تمتعت المملكة بإزدهار إقتصادي وإستقرار عسكري وسياسي. لكن على ما يبدو أن الإزدهار الإقتصادي حدث على حساب الفقراء. على الرغم من الفساد المادي والفوارق الإقتصادية الكبيرة بين أفراد الشعب الواحد إلا أن المتعبدين لم يكفوا عن الذهاب إلى الأماكن المقدسة ولم يتوقفوا عن تقديم العبادة بكافة أشكالها.   وفي وسط هذه الفوضى الإجتماعية والروحية أقام الله نبيا اسمه عاموس. وكان هذا النبي منغمسا في السوق، حيث كان جاني جميز وراعي غنم. كشف عاموس عن الخلل الإقتصادي في المجتمع الإسرائيلي حيث  إزداد  الغني غنى و  إزداد  الفقير فقرا نتيجة للجشع والفساد والظلم في الأسواق والمحاكم. فيقول النبي " مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ إِسْرَائِيلَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ لاَ أَرْجعُ عَنْهُ، لأَنَّهُمْ بَاعُوا

تكوين 6-9 في سياق الشرق الأدنى القديم

صورة
1. قصص الطوفان الكتابية وقصص الطوفان في بلاد ما بين النهرين الأمر الأول الذي يجب أن نتنبه له عند دراسة تكوين 6-9 هو أن تراث الشرق الادنى القديم إحتوى علي قصص عديدة عن نجاة مجموعة قليلة من البشر من طوفان مُهلِك. هناك قصتان مشهورتان من بلاد ما بين النهرين. القصة الأولى معروفة باسم بطلها، أتراخسيس. عندما قرر الإله إنليل تدمير البشرية لإن ضجيج البشر صار غير محتمل من الآلهة، فان الآلهة إيا وإنكي حذرا بطل القصة، أتراخسيس، من الطوفان القادم ونصحاه ببناء فلك كيما ينجو. كنوع من تحصين الفلك ضد المياه فإن أتراخسيس غطاه بالزفت حتى لا تتسرب المياه إلى داخل السفينة. بعد أن دخل أتراخسيس الفلك أغلق الباب؛ واستمرت العاصفة لمدة سبعة أيام وسبع ليال. بعد نهاية الطوفان قدم أتراخسيس ذبائح للآلهة.       هناك قصة أخرى من بلاد ما بين النهرين عن نجاة شخصياتها الرئيسية من طوفان عن طريق سفينة. تدور أحداث هذه القصة حول البطل أوتنابيشتيم وزوجته. قصة نجاة أوتنابشتيم تعتبر جزءا من ملحمة جلجامش والتي تتكون من ١٢ لوح تم إكتشافها في ما يُعرف بمكتبة الملك الأشوري أشوربانيبال. في خضم رحلته للبحث عن معن